الأربعاء، 9 ديسمبر 2009

كي لا تحترق الكويت مع كل إستجواب


صورة لرسائل نشرت في فضائيات كويتية :
3 نواب يبيلهم سحب جناسيهم مو كفو
خلو الكلاب تنبح والقافلة تسير
انا مزدوج يعني حرقوهم حراق
باجر بإذن الله سنسحق أعداء شيوخنا
إطلعوا يالخونة من الكويت

الحل هو حل مجلس الأمة نهائيا








خلال لقاء في قناة العربية الإخبارية يوم أمس ذكرت ان الديمقراطية في الكويت تجذرت بشكل أكبر من ذي قبل ليس فقط حين صعد سمو رئيس مجلس الوزراء إلى منصة الإستجواب بل ايضا لأنه تم تقديم طلب كتاب عدم تعاون مع رئيس الوزراء من قبل 10 نواب وفقا لأحكام الدستور الكويتي ليحظى سمو الشيخ ناصر المحمد بهذا الشرف الدستوري بعد نحو 47 عاما من إصدار الدستور الكويتي , وهو و قبل ان يكون شرف لرئيس الوزراء الحالي يعتبر بكل تأكيد إستحقاق دستوري واجب التطبيق كان من الخطأ الكبير تجنبه طوال السنين الماضية .


كما ذكرت أيضا في اللقاء ان تقديم كتاب عدم التعاون أمر يختلف عن التصويت عليه فالأمر يتطلب موافقة اغلبية اعضاء مجلس الأمة قبل الإتجاه إلى الخيارات الدستورية الأخرى وهي إما قبول سمو الأمير إستقالة رئيس مجلس الوزراء أو حل مجلس الأمة وهي إلى هذه اللحظة خيارات افتراضية .



كما قلت ان فرحة الكويتيين بتطور نظامهم الديمقراطي أفسده حسب رأيي قرار سرية جلسة إستجواب سمو رئيس مجلس الوزراء فعدم وجود الشفافية في إستجواب يتعلق بالذمة المالية كان إساءة بحق سمو رئيس مجلس الوزراء لأنه حرم فرصة الدفاع عن نفسه أمام الشعب الكويتي خصوصا وأن أدائه في الجلسة السرية وفق ما نقل كان راقيا برقي أداء النائب الدكتور فيصل المسلم .


التاريخ لن يغفر لرئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي تسببه بإمتداد الجلسة البرلمانية إلى حين الإنتهاء من بند الإستجوابات , في التقليل من قوة وزخم الإستجواب كأداة دستورية عبر مناقشة الإستجواب في ساعات متأخرة من الليل ما أدى إلى عدم قدرة المواطنين على مشاهدة العرض التلفزيوني لإستجواب النائب مسلم البراك لوزير الداخلية وفي عدم إتاحة المجال للوزراء والنواب على متابعة محاور الإستجواب بصورة تحقق المصلحة العامة فهل يعقل ولسبب غير ضاغط إمتداد جلسة برلمانية إلى ساعات الفجر فهل قوات الاعداء لا سمح الله على الحدود حتى يتم التعامل مع الإستجوابات وكأنها نبت شيطاني يجب إستئصاله فماذا كان سيضر الرئيس الخرافي والأغلبية النيابية لو تمت مناقشة الإستجوابات الأربعة على في جلستين وليس في جلسة واحدة .



والتاريخ أيضا سيسجل بإيجابية للنائب خالد السلطان إعتراضه على هذا الأمر حينما قال " تقديم اربعة استجوابات في جلسة واحدة ودفعة واحدة سيؤدي إلى العجز عن مواجهة اي فساد في الدولة، ولهذا عواقب وخيمة واحذر من هذه الظاهرة لأننا سننتهي الى نهاية نتحسف عليها، لا يجوز طرح كل الاستجوابات بهذا الشكل"



ما حصل كان "كروتة" لا تليق بديمقراطية متجذرة كالديمقراطية الكويتية ولا يليق أن تحصل في يوم مشهود كيوم صعود سمو رئيس مجلس الأمة إلى منصة الإستجواب .



النواب الذين صوتوا لسمو الرئيس في جلسة الإستجواب فعلوا لاسباب عده, وهذا وضع طبيعي في عالم السياسة ويتبقى الحكم النهائي للناخبين على قرار كل نائب على حده فمنهم من يرى ان تاييد موقف سمو رئيس مجلس الوزراء إستحقاق قانوني ومنهم من يرى عكس ذلك , ولهذا لم يكن سمو رئيس الوزراء يحتاج إلى ما حصل في الأيام السابقة من تفتيت واضح للنسيج الإجتماعي الكويتي عبر قنوات فضائية مؤيدة لموقف سمو الرئيس إلى درجة أن متصلا في إحدى هذه القنوات طالب بإعدام كل من يعارض أسرة آل صباح .



أمر مخجل ومعيب ومسيء حين يجتهد البعض لنصرة سمو رئيس مجلس الوزراء فيرتكب بإسم هذه النصرة محرمات لا يرتضيها سمو الرئيس بتاريخه السياسي الطويل وثقافته فكيف يقال عبر فضائية كويتية لمواطنين يمارسون حقهم الدستوري بأنهم أعداء لآل الصباح , وكيف يقال في فضائية كويتية لكويتيين أخرجوا من الكويت نحن لا نريدكم , وكيف تنشر في الشريط الإخباري رسائل تغرز الآف الخناجر في خاصرة الكويت , وكيف تصور فضائيات كويتية ان قضية الإستجواب هي قضية صراع بين مجموعة من الشعب وبين أسرة الحكم فكيف يقبل ان تزور إرادة الشعب الكويتي هكذا او ببساطة بالرغم من ان الجميع يدرك ان الكويتيين جميعا لو اتفقوا على شيء واحد فقط لن يكون غير الولاء لأسرة الحكم ما يجعل ترديد مثل هذا القول إساءة بالغة من هؤلاء لأسرة الحكم وليس للنواب المستجوبين .



مؤسف جدا ان يسمى كويتيين بالفئة الضالة في فضائية كويتية فقط لانهم مارسوا حقا دستوريا أقره الكويتيين حكاما ومحكومين منذ نحو نصف قرن , وان تنشر رسائل نصية من دول خليجية تتهم اعضاء مجلس الامة الكويتي بالظلم فهل يجوز في فضائيات كويتية السماح للأجانب بالتدخل في الشأن الداخلي والإساءة لنواب يمثلون الأمة بأسرها ؟ .



صحيح ان حملة " إرحل " بالغ أصحابها كثيرا في الخصومة كما ان فيها شبهة التعدي على صلاحيات أعضاء مجلس الأمة وحقهم في مساءلة رئيس الوزراء والوزراء كما أن فيها شبهة الخروج عن الآليات المتبعة في السياسة المحلية ولكن كل ذلك لا يبرر حفلة الزار التي مورست وإختلط فيها الحابل بالنابل.



لم يكن سمو رئيس مجلس الوزراء ولا النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ولا وزير الداخلية يحتاجون لكل هذا الضجيج والتمزيق للنسيج الكويتي الذي مارسته بعض القنوات فهم رجال سياسة منذ زمن وقد استطاعوا التعامل مع كل الإستجوابات التي قدمت وفق الآليات الدستورية ووفقا لرأي الأغلبية النيابية .



لولا قناعة الأغلبية النيابية بأطروحات سمو رئيس مجلس الوزراء لما جنبه الإعلام الإستحقاق الدستوري ولهذا يجب ان يدرك من يعتقد ان إثارة النعرات بين شرائح الشعب الكويتي كان الأسلوب الذي مكن الحكومة من تجاوز هذه الإستجوابات أنه مخطيء تماما فمجرد الإعتقاد بصحة ذلك سيفتح المجال لحروب إعلامية مفتوحة قد تكون أكثر كلفة من الإستجوابات نفسها .



ما حصل في الأيام الماضية لم يكن كله دفاعا عن سمو رئيس الوزراء بل كان وببساطة تنفيذا لأهداف وأحقاد تبنت الأجندة الوطنية زورا وبهتانا فبثت السم الزعاف في الجسد الكويتي , وكم كانت معارضة إستجواب سمو رئيس الوزراء شبيهة بقميص عثمان رفعت ليس فقط نصرة لسمو الشيخ ناصر المحمد بل لغرض في أنفس عدة .



بعض من الحشد الإعلامي الذي تزامن مع إستجواب سمو رئيس الوزراء كان غير وطنيا و خلص إلى نتيجة واحدة مفادها أن هذا الإستفزاز الخطير لشرائح معينة في الشعب الكويتي سينتج عنه للأسف ردة فعل لا تقل تأثيرا وحجما عن الفعل ذاته .



ولهذا أدق اليوم ناقوس الخطر , كمواطن , فإجتياز سمو رئيس الوزراء للإستجوابات أمر طبيعي في الدول الديمقراطية ويحصل مرات عديدة في دول كثيرة أما أن يتم شق صفوف الوحدة الوطنية, وأن تتم وفي الوقت الذي تترسخ فيه آليات الدولة الدستورية محاولة إعادة عقارب الزمن إلى الوراء فهذا أمر يتطلب بالفعل دق نواقيس الخطر .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق